أهميــــة رأس المال الاجتماعي في تحقيق جــــودة السياســــة التعليميــــة بالعالــــم العربــــي "دراســــــة تحليليــــــة"

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلفون

المستخلص

يعد البشر بمثابة الثروة الحقيقية لکل أمة من الأمم تسعى لأن تکون فاعلة ومؤثرة في ظل ظروف دولية صعبة ومتعددة، تتجلى بها کل أنواع وفنون الهيمنة وعلى رأسها الهيمنة الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغيرها".
وعلى هذا يعتبر الاهتمام بالسياسة التعليمية في أية مجتمع تجسيداً لطموحات المجتمع وغاياته في ضوء واقعه، والمتغيرات المختلفة التي تؤثر في ما يريده المجتمع من نظامه التعليمي.
والتعليم في عالمنا العربي علي اعتبار أنه نظام اجتماعي – ليس وليد يومه، أي أنه ليس ابن الحاضر فحسب وإنما يضرب بجذوره إلي الماضي، وبالرغم من ذلک فإن سياسته التعليمية تتسم بعدم الاستقرار، حينا، وترتبط ببقاء من رسمها – شخصا کان أم مؤسسة – وبالتالي تتسم بأنها قد تکون مجرد شعارات معلنة لا تجد لها حظا من التنفيذ حينا آخر.
هذا بالإضافة إلي أن السلم التعليمي أصبح في صورته الراهنة يبدو کما لو کان أمراً مسلماً به لا يقبل المناقشة أو المراجعة بأي حال من الأحوال، ولعل هذا الاتجاه يرجع إلي التصور الخاطئ لمعني ومجال التعليم بمعني أنه – وفق هذا التصور – لم يعد من الممکن التعليم أو التعلم إلا في الإطار المدرسي التقليدي بما يحتويه من مقومات الجو المدرسي المألوف، وعلي هذا فإن اجتياز المتعلم لصف أو مرحلة مؤشرا علي تعلمه في حدود المعني الضيق للتعلم، وهو مجرد اکتساب قدر من المعرفة في مجال أو آخر([i]).
وإذا کانت التربية لا يمکن أن تتم في فراغ، بل هي تعيش في مجتمع – لأنها أداة المجتمع في تشکيل الأفراد – ومن ثم فهي تعمل بالضرورة في ضوء نظام اجتماعي معين، أي أن محور دراستها هو المجتمع، فمنه تشتق أهدافها، وحول ظروف الحياة فيه تدور مناهجها، ولتحقيق أهدافه تکون رسالتها في تربية الشخصية،  ومن هذا المنطلق فإن التربية هي الوسيلة التي تترجم فلسفة المجتمع إلي عمل بناء، وتغير وجه الحياة علي أرضه، ذلک لأنه لا قيمة للفکر التربوي النظري إلا إذا أقترن ببعض ديناميکيات العمل التطبيقي، وکل عمل بلا فکر يعتبر تخبطاً أعمي، وکل فکر بلا تطبيق يعتبر سفسطة فارغة وهراء.
وکل عمل في التربية والتعليم يمکن أن ينجح أو يفشل بفضل أو بسبب الإدارة التعليمية, فإذا کانت السياسة التعليمية عملية فنية فإن هذه الفنية لا يمکن أن تتحقق بدون إدارة سليمة, حيث أن عمل الفرد يمکن أن يتفتت علي صخرة الإدارة السيئة([ii])
ولما کان التعليم أحد متطلبات التنمية، فليس هناک ثمة شک في أنه يتطلب وجود بناء ملائم لإعادة بناء التنظيم القائم علي هذا التعليم لکون هذا التعليم عملية مترابطة ومتناسقة في إطار سياسة اجتماعية، إلا أن نجاح التعليم وفاعليته يتوقف علي حقيقة الدور الذي تضطلع به الإدارة العليا في حياة الدولة، وذلک الدور لا ينفصل عن طبيعة الواقع الاجتماعي والاقتصادي السائد.



([i]) إبراهيم مطاوع : أصول التربية، ط4، دار المعارف، القاهرة، 1995.


([ii]) أحمد فتحي سرور : إستراتيجية تطوير التعليم في مصر، وزارة التربية والتعليم، القاهرة، يوليو 1987.